قصص وحكيات: كيفَ يُطلِقُ النَّجمُ الضَّوءَ؟
قصّة: أسرار جغصي
رسوم: لينا ندّاف
«سمسم» طفلٌ جميلٌ هادئ، في العاشرة من عُمرِه، يعيشُ معَ والديه في منزلٍ ريفيّ يحيطُ به بستانٌ مملوء بالأشجار، وهو طفلٌ ذكيٌّ ومُتفوِّقٌ في دراسته، ويهوى الفَلَكَ والفضاءَ، لذلك كثيراً ما يُمضِي السَّاعاتِ الطِّوال خَلْفَ مِنظارِه الفلكيّ يُراقبُ النُّجوم والكواكب.
استيقظتِ الأشجارُ من نومها مسرورةً بعودة ضوءِ
النَّهار الّذي حجبته ظُلمة ليلةٍ كاملة. وأسرعت نسماتُ الصَّباح إلى
بُستان «سمسم» باحثةً بين الجداول والأنهار، مُحلِّقةً فوق الأشجار
والأغصان، إلى أن وصلت إلى أشجار الرُّمّان، لتُنصِتَ إلى شخير «سمسم» معَ
كُلِّ شهيق وزفير، ثمَّ راحت تُدَغدِغُ وجهَه بملمسها النَّاعم، حتَّى
استيقظ، وفتح عينيه ليُبصِرَ السَّماءَ الزَّرقاء.
آه، كم أتعبته مراقبةُ النُّجوم والأفلاك خلفَ منظاره الفلكيِّ ليلةَ أمس، حتَّى انتهى به المطافُ إلى النَّوم في العراء من شِدَّة الإرهاق.
مدَّ بصرَه إلى السَّماء ثُمَّ أغمض عينيه ليُسافرَ مُجدَّداً في زورق أحلامه الجميلة. لقد كان ليلةَ أمس يراقبُ الفضاءَ بمنظاره من بعيد، أمَّا الآنَ فهو يسبحُ ببذلتِه البيضاء بين الكواكب والنُّجوم، غارقاً في سحر ضيائها.
اقتربَ من مجموعة نجوم، وسأل أحدَ النُّجوم اللامِعَة: ما اسمُك؟ أجابَه النَّجمُ بهدوء: «النَّسرُ الطَّائرُ».
قال «سمسم» بمرح: وأنا اسمي «سمسم»، فقال «النَّسرُ الطَّائر»: أنا أعرفك! أراكَ كُلَّ ليلةٍ وأنت تنظرُ إلينا بمنظارك الطَّويل.
سُرَّ «سمسم» بذلك، وقال: إذاً، فنحن أصدقاء؟ ردَّ «النَّسرُ الطَّائرُ» بهدوئه الجميل: نعم يا «سمسم». لكنَّ «سمسم» كانت لديه بعضُ الأسئلة الّتي يتمنَّى أن يجدَ لها جواباً، وها هي فرصته قد سنحت ليعرف.
قال للنَّسر الطَّائر، وهو مُتعجِّبٌ من أمر هذا النَّجم اللامع:
نجمٌ لامع! ضَوءٌ ساطِع!
هيَّا هيَّا أجبِ السَّامِع!
كيف تُولِّدُ هذا النُّور؟!
ضحك «النَّسرُ الطَّائرُ» ثمَّ قال: عزيزي «سمسم»! أنا جسمٌ سماويٌّ كُرويُّ الشَّكل، أتَشكَّلُ من غازاتٍ ساخنةٍ تُطلِقُ الضَّوء.
لكنَّ «سمسم» ظلَّ مُتعجِّباً، فتَساءلَ:
بالغازِ تُضاءُ الأنوار؟!
أجاب «النَّسرُ الطَّائر»: ترتفعُ في جوفي درجةُ الحرارة على نحوٍ هائل، فتَتحوَّل ذرَّاتُ (الهيدروجين) إلى ذرَّات (هيليوم) تُطلِقُ الضَّوء.
فَهِمَ «سمسم» سِرَّ هذا الضَّوءِ المُبهِر، فتراقَصَ نشوانَ، والنَّجمُ بصُحبَتِهِ يضيءُ الأكوانَ.
ثمَّ هاج بهِ الشَّوقُ إلى بيته الرِّيفيّ ومنظاره الفلكيّ، وشعرَ وكأنَّ أشجارَ الرُّمَّان تناديه من بعيد، فودَّع «النَّسرَ الطَّائرَ» على أملِ أن يزوره مَرَّةً أُخرى، وإذْ بأشعَّة الشَّمس تُدغدِغُ وجهَه بملمسها الدَّافئ الحنون، ففتح عينيه ليُبصِرَ زُرقةَ السَّماءِ تُحيِّيه لعودته من ذلك الحُلمِ الجميل.
رسوم: لينا ندّاف
«سمسم» طفلٌ جميلٌ هادئ، في العاشرة من عُمرِه، يعيشُ معَ والديه في منزلٍ ريفيّ يحيطُ به بستانٌ مملوء بالأشجار، وهو طفلٌ ذكيٌّ ومُتفوِّقٌ في دراسته، ويهوى الفَلَكَ والفضاءَ، لذلك كثيراً ما يُمضِي السَّاعاتِ الطِّوال خَلْفَ مِنظارِه الفلكيّ يُراقبُ النُّجوم والكواكب.
![](https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjpfxXl5r9M4tIp8JsbaF2ulXhOEwSskzaS_mA7CdcLFETL4tBw79AuHIA4moB2mpCBLPBRtXBornllEgRK42N38umKhVvhejB0TcTGk8aQsdRhziG44TdGoXOHbT9ZX3rf1ca0zcACJVzV/s400/13935157_1796760890610990_8130957398455723426_n.jpg)
آه، كم أتعبته مراقبةُ النُّجوم والأفلاك خلفَ منظاره الفلكيِّ ليلةَ أمس، حتَّى انتهى به المطافُ إلى النَّوم في العراء من شِدَّة الإرهاق.
مدَّ بصرَه إلى السَّماء ثُمَّ أغمض عينيه ليُسافرَ مُجدَّداً في زورق أحلامه الجميلة. لقد كان ليلةَ أمس يراقبُ الفضاءَ بمنظاره من بعيد، أمَّا الآنَ فهو يسبحُ ببذلتِه البيضاء بين الكواكب والنُّجوم، غارقاً في سحر ضيائها.
اقتربَ من مجموعة نجوم، وسأل أحدَ النُّجوم اللامِعَة: ما اسمُك؟ أجابَه النَّجمُ بهدوء: «النَّسرُ الطَّائرُ».
قال «سمسم» بمرح: وأنا اسمي «سمسم»، فقال «النَّسرُ الطَّائر»: أنا أعرفك! أراكَ كُلَّ ليلةٍ وأنت تنظرُ إلينا بمنظارك الطَّويل.
سُرَّ «سمسم» بذلك، وقال: إذاً، فنحن أصدقاء؟ ردَّ «النَّسرُ الطَّائرُ» بهدوئه الجميل: نعم يا «سمسم». لكنَّ «سمسم» كانت لديه بعضُ الأسئلة الّتي يتمنَّى أن يجدَ لها جواباً، وها هي فرصته قد سنحت ليعرف.
قال للنَّسر الطَّائر، وهو مُتعجِّبٌ من أمر هذا النَّجم اللامع:
نجمٌ لامع! ضَوءٌ ساطِع!
هيَّا هيَّا أجبِ السَّامِع!
كيف تُولِّدُ هذا النُّور؟!
ضحك «النَّسرُ الطَّائرُ» ثمَّ قال: عزيزي «سمسم»! أنا جسمٌ سماويٌّ كُرويُّ الشَّكل، أتَشكَّلُ من غازاتٍ ساخنةٍ تُطلِقُ الضَّوء.
لكنَّ «سمسم» ظلَّ مُتعجِّباً، فتَساءلَ:
بالغازِ تُضاءُ الأنوار؟!
أجاب «النَّسرُ الطَّائر»: ترتفعُ في جوفي درجةُ الحرارة على نحوٍ هائل، فتَتحوَّل ذرَّاتُ (الهيدروجين) إلى ذرَّات (هيليوم) تُطلِقُ الضَّوء.
فَهِمَ «سمسم» سِرَّ هذا الضَّوءِ المُبهِر، فتراقَصَ نشوانَ، والنَّجمُ بصُحبَتِهِ يضيءُ الأكوانَ.
ثمَّ هاج بهِ الشَّوقُ إلى بيته الرِّيفيّ ومنظاره الفلكيّ، وشعرَ وكأنَّ أشجارَ الرُّمَّان تناديه من بعيد، فودَّع «النَّسرَ الطَّائرَ» على أملِ أن يزوره مَرَّةً أُخرى، وإذْ بأشعَّة الشَّمس تُدغدِغُ وجهَه بملمسها الدَّافئ الحنون، ففتح عينيه ليُبصِرَ زُرقةَ السَّماءِ تُحيِّيه لعودته من ذلك الحُلمِ الجميل.